استطاعت اسعار النفط خلال شهرى آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر الماضيين أن تجنى مكاسب كبيرة حيث تمكن خام برنت أن يتخطى حاجز 60 دولار للبرميل وهو الأعلى فى عامين وذلك فى نهاية الشهر الماضى، ثم عاوت التراجع قليلًا من أعلى مستوياتها.
يرجح الكثيرون من خبراء أسواق تداول CFDSومحللى أسواق النفط أن السبب الرئيسى وراء تلك المكاسب المتلاحقة لأسعار النفط هو النمو المستمر لمعدلات الطلب العالمى على النفط الخام والتى لم تقتصر على الصين والهند بل زادت أيضًا فى أوروبا، هذا إلى جانب تراجع المخزونات العالمية بوتيرة أسرع مما فى السابق، بما يدعم من أسعار النفط ويحقق التوازن للأسواق.
يقول رئيس قسم تجارة النفط فى شركة غاز بروم للتسويق والتجارة “أدى إمزيروفيك” خلال مؤتمر ستاندرد آند بورز فى سنغافورة نقلًا عن وكالة رويترز أنه من الملاحظ أن أسعار النفط ارتفعت خلال الستة أشهر الأخيرة متجه نحو حاجز 60 دولار للبرميلوهذه إشارة واضحة لتحسن معدلات الطلب خلال تلك الفترة.
فيما قال الرئيس التنفيذى لشركة بى بى للإمدادات والتجارة “جانيت كونغ” فى نفس المؤتمر أنه من المحتمل أن تنمو معدلات الطلب العالمية لتصل إلى حوالى 1.6 إلى 1.7 مليون برميل يوميًا بدعم من قطاع التكرير.
العواصف الأمريكية ترفع معدل الطلب
يرى المحللين أن ارتفاع معدلات الطلب على الوقود والديزل جاءت بعد العواصف التى شهدتها الولايات المتحدة وبالأخص فى خليج المكسيك والتى نتجت عنها توقف أكثر من 20% من طاقة التكرير فى الولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك فإن أسعار النفط كانت مرتفعة قبل العواضف وهذا دليل واضح على تحسن معدلات الطلب.
ذكرت وكالة رويترز نقلًا عن رئيس تحليل المنتجات النفطية فى جوانب الطاقة “روبرت كامبل” أنه قال أن عاصفة هارفى التى ضربت الولايات المتحدة كانت سببًا فى تسريع عملية تزايد عمليات الطلب على النفط التى كانت متواجدة بالفعل.
فيما صرح نائب رئيس قسم تجارة وتوريد النفط الخام فى شل ترادينغ “مايك مولر” أن الدافع الرئيسى لتسارع نمو معدلات الطلب على النفط الخام لهذا العام هى تزايد الطلب على وقود الديزل والنفط الخام لملء الاحتياطيات الاستراتيجية.
ومن المثير للاهتمام أن خلال الشهر الجارى قامت وكالة الطاقة الدولية بتغيير توقعاتها لمعدلات الطلب لهذا العام والعام المقبل حيث قامتبرفع معدلات الطلب خلال عام 2017 لتصل إلى 1.6 مليون برميل يومى مقارنة مع التوقعات السابقة فى شهر آيار/مايو والتى كانت عند 1.5 مليون برميل.
التزام أوبك بخفض الانتاج
قالت وكالة بلومبرغ هناك أسباب حقيقية كانت مؤثرة بشكل ملحوظ على أسعار النفط فمعدلات الطلب على شراء النفط تزايدت خلال العام الحالى وكذلك التزام منظمة أوبك بتعهداتها فى تخفيض مستويات الانتاج لتحقيق التوازن للأسواق، الأمر الذى جعل العديد من المحللين والمسؤولين التنفيذيين فى مؤتمر سنغافورة يتوقعوا مزيد من الارتفاعات فى الأسعار خلال الربع الرابع من هذا العام.
وعلى الرغم من ذلك فهناك عدد من خبراء الأسواق فى تداول السلع يروا أن منظمة أوبك تحتاج لاتخاذ قرار رسمى بتمديد الاتفاق حتى نهاية عام 2018 للقضاء أزمة فائض المعروض العالمى بشكل كلى لإعادة التوازن للأسواق.
تظهر أغلب التوقعات أن أسعار النفط تتجه نحو الأعلى خلال الربع الرابع من هذا العام، لكن الأسواق ستتعرض للاختبار الحقيقى فى مارس 2018 إما التهاوى أو مزيد من التحليق، وفى الواقع من الصعب أن تتمسك أسعار النفط بمستوياتها فوق 60 دولار للبرميل وذلك لأن انتاج النفط الصخرى الأمريكى سيرتفع بسرعة وذلك من أجل تحقيق مكاسب جراء ارتفاع الأسعار.
ومن الجدير بالذكر أن الانتاج الأمريكى يرتفع بوتيرة سريعة، ففى الآونة الأخيرة ارتفع ليصل الانتاج اليومى عند 9.5 مليون برميل، وهذا يعنى أن الانتاج الأمريكى ارتفع بنحو 1 مليون برميل مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى.
كما أن الارتفاعات الأخيرة فى أسعار نفط خام غرب تكساس التى تخطت سعر 50 دولار للبرميل ستؤدى إلى زيادة عمليات الاستثمار والتحوط مما سينتج عنها مزيد فى عمليات الحفر وزيادة الانتاج.